كتبت صحيفة الجارديان أن منظمات حقوقية وأسر معتقلين وجّهت اتهامات خطيرة للسلطات المغربية بارتكاب انتهاكات واسعة بحق مئات من متظاهري الجيل زد، شملت اعتقالات تعسفية وتعذيباً وسوء معاملة داخل مراكز الاحتجاز، في وقت يستعد فيه المغرب لاستضافة بطولة كأس أمم أفريقيا. تزامن ذلك مع موجة احتجاجات شبابية غير مسبوقة منذ 2011، رفعت مطالب تتعلق بتحسين أوضاع التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية.

 

وأشار التقرير إلى أن الجارديان، التي نقلت شهادات مباشرة من عائلات المعتقلين ومنظمات حقوقية دولية ومحلية، أبرزها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.

 

احتجاجات شبابية وقمع أمني واسع

 

اندلعت الاحتجاجات، المعروفة باسم “Gen Z 212” نسبة إلى رمز الاتصال الدولي للمغرب، في أواخر سبتمبر ومطلع أكتوبر، وقادها شباب في مقتبل العمر احتجاجاً على تدهور الخدمات العامة وغياب العدالة الاجتماعية. توسعت التظاهرات بسرعة لتشمل عدداً من المدن، واعتُبرت الأوسع منذ حراك 20 فبراير عام 2011.

 

ردّت السلطات بحملة أمنية واسعة، واعتقلت آلاف الأشخاص بحسب منظمات حقوقية. قالت عائلات معتقلين إن الشرطة احتجزت شباناً لم يشاركوا أصلاً في التظاهرات. روت أمّ أن قوات الأمن اعتقلت ابنها البالغ 18 عاماً من داخل مطعم، وضربته بعنف شديد أدى إلى فقدانه بعض أسنانه. أضافت أن الشرطة عاودت ضربه داخل الحجز بسبب رفضه التوقيع على محاضر التحقيق.

 

شهادات عن تعذيب وانتهاكات جسدية

 

وثّقت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان شهادات تحدّثت عن ضرب مبرح، وحرمان من الطعام والماء لساعات طويلة، وإهانات لفظية وجنسية، خاصة بحق المتظاهرات. قالت رئيسة الجمعية، صعاد براهمة، إن نساءً تعرّضن لتحرش ولمس غير لائق وتعليقات مهينة أثناء الاحتجاز.

 

سجّل التقرير مقتل ثلاثة متظاهرين بالرصاص خلال احتجاج في بلدة لقليعة قرب أغادير في الأول من أكتوبر، وإصابة 14 آخرين، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمار بعضهم 12 عاماً. برّرت السلطات استخدام القوة بالقول إن محتجين حاولوا اقتحام مركز شرطة، بينما شكّكت منظمات حقوقية في الرواية الرسمية وطالبت بتحقيق مستقل وشفاف.

 

محاكمات قاسية ومخاوف من الإفلات من العقاب

 

قالت منظمة العفو الدولية إن أكثر من 2400 شخص يواجهون الملاحقة القضائية على خلفية الاحتجاجات، وواجه عشرات المتظاهرين السلميين اتهامات تتعلق بالعنف. أصدرت المحاكم أحكاماً بالسجن وصلت في بعض الحالات إلى 15 عاماً، وسط انتقادات لغياب الضمانات القانونية، ومنع محامين من حضور جلسات التحقيق، وافتقار الإجراءات إلى مبدأ قرينة البراءة.

 

أشار محامون متطوعون يدافعون عن المحتجين إلى “انتهاكات إجرائية جسيمة”، شملت تقارير متسرعة وأدلة ضعيفة وأحكاماً مشددة. في المقابل، قالت السلطات المغربية إن أجهزة الأمن احترمت شروط المحاكمة العادلة، وإن القضاء أصدر أحكامه في آجال معقولة ووفق القانون.

 

مناخ خوف وغضب متجدد

 

مع اقتراب موعد استضافة كأس أمم أفريقيا، عادت الاحتجاجات للظهور في مدن عدة، مطالِبة بالإفراج عن معتقلي الجيل زد ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. تزامن ذلك مع انتقادات حادة للسلطات بعد فيضانات مميتة في إقليم آسفي أودت بحياة 37 شخصاً، إذ اتهم محتجون الحكومة بتفضيل مشاريع “الهيبة الدولية” على الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الأساسية.

 

قال نشطاء حقوقيون إن الخوف بات يخيّم على الشباب، وإن كثيرين يترددون في العودة إلى الشارع بسبب ما تعرّض له المعتقلون من تعذيب وإكراه على الاعتراف. أكّد مصطفى الفزاز، من فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في مراكش، أن “ما يجري داخل السجون يبقى مخفياً إلى حد كبير”، وأن عائلات كثيرة تخشى التحدث علناً.

 

اختتم التقرير بالتأكيد على مطالب أسر الضحايا بإجراء تحقيق شفاف ومستقل ومحاسبة المسؤولين، مشيراً إلى أن مستقبل الاستقرار الاجتماعي في المغرب بات مرتبطاً بقدرة الدولة على معالجة جذور الغضب الشبابي بدل الاكتفاء بالحلول الأمنية.

 

https://www.theguardian.com/global-development/2025/dec/18/morocco-genz212-protests-police-mass-arrests-beatings-detentions-rights